اسم صاحب المقال: مكتب الرازحي وبن شايع للمحاماة والاستشارات
مكتب الرازحي للمحاماة والاستشارات القانونية في مكة المكرمة
من المقرر في القانون الجنائي ان الشركة كشخصيه معنويه عليها مسؤوليه مدنيه عن افعالها التي تتسبب ضررا للغير سواء في ذلك المسؤولية التعاقدية او المسؤولية التقصيرية وتلتزم في ذمتي المالية بدفع التعويضات التي تستحق بسبب مباشره نشاطه وما يرتكبه ممثلوها من الافعال الضارة باسمها و لحسابها وكذلك الفقه الاسلامي وان لم يصرح فقد اثبت المسؤولية المدنية للشخصية المعنوية وذلك على اساس اعترافه لبعض الجهات سواء كانت جماعه من الناس او مجموعه من الاموال بصلاحيه الوجوب لها وعليها واعتبارها صاحبه حقوق والتزامات.
اما مساله اخضاع الشركة كشخصيه اعتباريه او معنويه للمسؤول الجنائية فتعتبر من المسائل التي تثير جدلا قانونيا وفقهيا منذ وقت ليس بالقصير والى يومنا هذا.
وهذا يرجع الى الاختلاف في التكييف القانوني لشركه كشخص معنوي فلا خلاف بين الفريقين المختلفين لان الشخص الطبيعي الممثل للشخصية المعنوية او احد العاملين فيها اذا ارتكب جريمة فانه يكون مسؤولا جنائيا عنها وتوقع عليه العقوبة المقررة قانونا لكن السؤال الذي يدور حوله الخلاف هل يسال الشخص المعنوي( الشركة) جنائيا عن هذه الجريمة!؟
ففي الشريعة الإسلامية الفاعل المؤاخذ جنائيا بفعله يشترط فيه ان يكون مدركا مختارا وهذا يعني انه من البديه ان يكون الانسان فقط هو محل المسؤولية الجنائية لأنه وحده هو المدرك المختار فالشريعة الإسلامية عرفت الشخصيات المعنوية من يوم وجودها حيث تعتبر الفقهاء بيت المال جهة والوقف جهة اي شخصا معنويا وكذلك المدارس والملاجئ و المستشفيات وامثالها اعتبرها فقهاء الشريعة جهات او شخصيات معنويه ذات اهليه لتملك الحقوق والتصرف فيها ولكنهم لم يجعلوها اهلا للمسؤولية الجنائي وذلك لان المسؤولية تبنى على الإرادة والاختيار وكلاهما منعدم دون شك في هذه الشخصيات لكن اذا وقع الفعل المحرم ممن يتولى مصالح هذه الجهات او الاشخاص المعنوية كما نسميها الان هو الذي يعاقب على جنايته ولو انه كان يعمل لصالح الشخص المعنوي كما ان نفي المسؤولية الجنائية عن الشخصيات المعنوية لا يمنع من ان يفرض عليها ما يحد من نشاطا الدار حمايه للمجتمع ونظامه وامنه وذلك مثل حال المجنون_ الفاقد للإدراك_ غير المسؤول جنائيا فانه قد يجبر على المكوث في مستشفى مناسب لمثل حالته اذا سب ضرر للمجتمع من حوله .
وفقه ما سبق ذكره نخلص الى ان الاصول العامة للشريعة تدل على ان الانسان هو الذي يوجه اليه خطاب التكليف وذلك لميزه العقل والادراك لديه ، وان الشخص المعنوي ليس اهلا للعقوبة الجنائية شرعا وان ثبتت له اهليه مفترضه في بعض الحقوق والالتزامات المالية، وذلك لان هذا الشخص المعنوي لا يتمتع بعقل يفهم به التكليف وتناط به من خلاله الأهلية للأداء والعقوبة بل ان تصرفاته تتم ممن يلي امره والذي ان اجرم تحق عليه العقوبة هو بنفسه ولا يحمل الشخص المعنوي وزر تلك الجريمة واللي وقعت في سبيل مصالحه المالية
ومثال ذلك ما يفعله الولي من جرائم لتحقيق مصلحه ماليه في مال القاصر الذي يلي امره العقوبات تنصرف له وحده ولا يلحق القاصر شيء منها ولو كانت لصالحيه ولمصلحته
وفي القانون الوضعي يتأكد نفي المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي مع ابقاء المسؤولية المدنية وفي ذلك يقول المستشار الدكتور السنهوري رحمه الله في شرحه للقانون المدني(( واذا كانت المسؤولية الجنائية للشخص المعنوي يصعب التسليم بها لصعوبة تصور عقوبة جنائية تنزل بالشخص المعنوي الا فيما يتعلق بالغرام والمصادرة والحل فان المسؤولية المدنية يسهل التسليم بها فإنها تقع في مال الشخص المعنوي )).
ومن خلال استقراء نصوص نظام الشركات السعودي فإننا نجد ان النظام السعودي لم ينص فيه على مسؤوليه الشركات جنائيا، بل كانت العقوبات المقررة فيه منصبه على الاشخاص الطبيعيين الذين يمثلونها او العاملين فيها او المتعاملين معها وابقى المسؤولية المدنية قائمه على هذه الشركات والتفصيل ليس هذا محله في نوعيه العقوبات التي تناسبها ، وفي المقالة القادمة سناتي بإذن الله على تفصيل هذا الامر مع الإشارة لانتقاد يتعلق بالغرامات المفروضة من قبل هيئه السوق المالية على الشخصيات المعنوية ممثله في شركات المساهمة دون فرضها على الاشخاص الطبيعيين المسيرين لها والقائمين عليه